الفتح ودخول الناس أفواجًا
أبت بعض القلوب المظلمة أن تفتح أبوابها لنور الحق، الذى سطع فى مكة، وغرها شيطانها؛ فوحدت صفوفها؛ لمقاتلة نبى عز عليها أن ترى انتصاره، وعلو دعوته، فخرج النبى -صلى الله عليه وسلم- لمقاتلتهم فى غزوة حنين، وكما يقولون: فعلى نفسها جنت براقش، ومحارب الله ورسوله، ترى إن لم يرجع بالخيبة، ويبؤ بالخزى والفشل، فبم يرجع، وبم يبوء؟!. وعاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد هذه الغزوة إلى المدينة منتصرًا؛ ليرسل .جامعى الصدقات لمن أسلم من القبائل، السرايا لمن اعتدى منهم. لكن "أسد الرومان" لم يعجبه استتباب الأمر فى الجزيرة للنبى الجديد ودعوته، وهو يعلم خطره، ونهشة مؤتة لا زالت توجعه، وتنبهه؛ ليترك عرينه، وينقض على غريمه الذى عظم شأنه فى الجوار. أما النبى العظيم -صلى الله عليه وسلم- فهو أشد حرصًا على دعوته من أن يؤتى على غرة؛ لذا فقد بادر بالسعى إليه فى بلده فى .غزوة تبوك الشهيرة، والتى ابتليت فيها العزائم، وامتحنت فيها النفوس. ولم تنته السنة التاسعة للهجرة إلا عن بعض [الوقائع المهمة]، والتى كان آخرها إرسال .أبى بكر أميرًا على الحج. ولا شك أن الدعوة بعد فتح مكة قد استقرت أركانها، ورسخت أقدامها؛ ولذا فقد تقاطرت الوفود على النبى -صلى الله عليه وسلم- تدخل فى دين الله أفواجًا، وبقدوم "ذى الحجة" من العام العاشر للهجرة، خرج النبى -صلى الله عليه وسلم- حاجًا حجة الوداع، ثم عاد إلى المدينة ليرسل [آخرالبعوثبعثة أسامة بن زيد إلى أرض الروم، وهى البعثة التى أجل خروجها حتى .وفاة النبى -صلى الله عليه وسلم-، وصعود روحه إلى بارئها -عز وجل-، مخلفًا وراءه دولة وأمة، نموذجًا ونبراسًا لمن خلفه، وأمانة وتبعة فى عنق أتباعه، والسائرين على دربه إلى يوم الدين. اللهم صلِّ وسلم على النبى محمد ما بقيت سماء وأرض، حتى تجمعنا معه وتدخلنا مدخله يوم العرض.. آمين.